تخريج حديث
(من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما )
ورد هذا الحديث من رواية أبي هريرة ، وأنس ، وسهل بن عبد الله ، رضي الله عنهم
فأما حديث أبي هريرة فرواه :
· ابن شاهين في كتابيه ( الأفراد ) وكتاب ( الترغيب في فضائل الأعمال ) [ برقم 22 ] ومن طريقه ابن بشكوال في ( القربة ) [ برقم 109 ]
· والدارقطني في كتاب ( الأفراد ) [ أطراف الغرائب 5095 ]
· والديلمي في ( مسند الفردوس ) [ 2/408 ، رقم 3814] وكذا أبو الشيخ والضياء المقدسي ، كل هؤلاء من طريق الدارقطني [ السلسلة الضعيفة 3804 ]
رووه هؤلاء كلُّهم من طريق = عون بن عُمارة ، حدثنا السَّكن البُرجُمي ، عن الحجاج بن سِنان ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ : « الصلاة علي نور على الصراط ، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما » .
وتفرد الإمام السخاوي في ( القول البديع ) [ص 284 ] بذكر ألفاظ زائدة في حديث أبي هريرة ، نسبها إلى ابن بشكوال ، ولكنها غير موجودة في كتاب ( القُربة ) لابن بشكوال ، فلا أدري ؟ هل وجدها في كتاب آخر لابن بشكوال ؟
قال السخاوي : ( وفي لفظ عند ابن بشكوال من حديث أبي هريرة أيضا : من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال قبل أن يقوم مكانه : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما ، ثمانين مرة ، غُفِرت له ذنوب ثمانين عاما ، وكتبت له عبادة ثمانين سنة ) .
متابعات الحديث :
1- متابعة زكريا البرجمي للسكن بن أبي السكن :
· فالحديث رواه الأزدي في كتاب ( الضعفاء والمتروكين ) من رواية عون بن عمارة عن زكريا البُرجمي [ يعني بدلا عن السكن ] عن الحجاج ...
كما ذكر ذلك الإمام الذهبي في [ الميزان ترجمة 2881 ] والحافظ ابن حجر في [ لسان الميزان ترجمة 3222 ] في ترجمة زكريا بن عبد الرحمن البرجمي ، وأن الأزدي ليَّن زكريا ، يعني ضعَّفه .
2- متابعة منصور بن صُقير لعون بن عمارة :
· قال الألباني : روى هذا الحديث يوسف بن عمر القَوَّاس في ( حديثه ) من رواية منصور بن صُقَير عن علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، فخالف عونَ بن عمارة في إسناده ، إلا أنهما أي عون ومنصور اتفقا على روايته عن السَّكن البرجمي وليس عن زكريا البرجمي . قال الألباني : ومنصور بن صُقير ضعيف أيضا كما في ( التقريب ) . [ السلسلة الضعيفة 3804 ] . وهو وارد أيضا في ( جزء من حديث أبي القاسم الأزجي ) برقم 16 .
3- متابعة أبي ذر لأبي هريرة رضي الله عنهما :
· ذكر أبو اليُمن بن عساكر أن هذا الحديث رواه غير عون بن عمارة عن السكن فقال : عن أبي ذر ، بدلا من أبي هريرة . [ القول البديع 284 ]
دراسة السند :
اسناد الحديث ضعيف جدا ، ففيه ثلاثة ضعفاء :
1- عون بن عمارة : قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم : أدركته ولم أكتب عنه ، وكان منكر الحديث ضعيف الحديث ، وقال أبو داود : ضعيف . [ تهذيب التهذيب 8/173 ] وقال ابن طاهر المقدسي : هو ممن كثر خطؤه فلا يحتج به [ معرفة التذكرة 1078 ] .
2- الحجاج بن سنان : قال عنه الأزدي : متروك . [ لسان الميزان 2/563 ] .
3- علي بن زيد بن جدعان : قال أبو زرعة : ليس بقوي يخطئ ويهم ، وقال أحمد : ليس بشيء ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال الدارقطني : لا يزال عندي فيه لين ، ورماه شعبة بالاختلاط . [ المغني للذهبي 2/447 ] .
وأما شك سعيد بن المسيب في الصحابي هل هو أبو هريرة أو أبو ذر ، فإن كان الشك من سعيد فلا يضر ، وإن ممن دونه من الضعفاء فهو اضطراب يؤثر في ضبط الراوي .
الحكم على الحديث :
قال الدارقطني : تفرد به حجاج بن سنان عن علي بن زيد ، ولم يروه عن حجاج إلا السكن ابن أبي السكن .
قال الحافظ في ترجمة حجاج بن سنان في ( اللسان ) [2/563] : حديث منكر . وقال في ( نتائج الأفكارتخريج أحاديث الأذكار ) [5/56] : غريب ورواته الأربعة ضعفاء .
قال الألباني في السلسلة [ح 3804] : ضعيف .
ونقل الإمام العراقي في ( تخريج أحاديث الإحياء ) عن أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان أنه قال : حديث حسن . وعلق عليه السخاوي في ( القول البديع ) [ص 285 ] : ويحتاج إلى نظر . يعني : في إسناد الحديث أو تحسين ابن النعمان .
وأما حديث أنس بن مالك فورد بإسنادين :
الإسناد الأول هو : وهب بن داود بن سليمان المخرمي ، عن إسماعيل ابن إبراهيم الشهير بابن علية ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس مرفوعا .
أخرجه بهذا الإسناد :
· الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) [13 / 489] في ترجمة وهب بن داود
· وابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) [برقم 796] من طريق وهب بن داود أيضا بإسناده المذكور
· وأبو سعد في ( شرف المصطفى ) [حديث 2044] ولم يورد السند ، وفيه ( مئة مرة )
وهو بلفظ : من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما ، فقيل له : و كيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : تقول : اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي ، وتعقد واحدا .
دراسة السند :
فيه وهب بن داود بن سليمان المخرمي ، قال الخطيب : ليس بثقة .
الحكم على الحديث :
قال ابن الجوزي : هذا حديث لا يصح . [ العلل المتناهية برقم 796 ]
وقال الذهبي : هو من وضع وهب بن داود . [ المغني في الضعفاء برقم 6904 ] .
وقال الألباني : ذكره ابن الجوزي في "الأحاديث الواهية". قلت : وهو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى وأحرى ، فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة. [ السلسلة الضعيفة (1 / 382) ] .
الإسناد الثاني هو : محمد بن رِزَام ، عن محمد بن عمرو ، عن مالك بن دينار وأبان ، عن أنس .
أخرجه بهذا الإسناد قوام السنة في ( الترغيب ) [ برقم 1696] بلفظ ( من صلى علي في كل يوم جمعة أربعين مرة محا الله عنه ذنوب أربعين سنة ، ومن صلى علي مرة واحدة فتقبلت منه ، محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة ، ومن قرأ: قل هو الله أحد أربعين مرة حتى يختم السورة بنى الله له مناراً في جسر جهنم حتى يجاوز الجسر) .
دراسة السند :
فيه محمد بن رِزام البصري : قال الذهبي في ( الميزان 3/545 ) : متهم بوضع الحديث ، يكنى أبا عبدالملك. قال الازدي: تركوه. وقال الدارقطني: يحدث بأباطيل.
الحكم على الحديث : موضوع مكذوب .
وأما رواية سهل بن عبد الله :
فأوردها ابن بشكوال في ( القربة ) [ برقم 111 ] قال :
( قال شيخنا أبو القاسم : وروينا عن سهل بن عبد الله : من قال في يوم الجمعة بعد العصر : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى أله وسلم ، ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة ) .
وسهل بن عبد الله هذا ليس صحابيا ، وإنما هو شيخ في السند لم أتمكن من معرفته ، فقد يكون هو سهل بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي ، وهو منكر الحديث [المغني للذهبي 1/145]
. وقد يكون أبا الحسن سهل بن عبد الله الغازي الأصبهاني ، وهو متأخر من أهل القرن الخامس الهجري [تاريخ دمشق 10/130].
تنبيه : وجدت مقالا في مجلة ( البينات ) [عدد شهر رجب 1437] الصادرة من كراتشي حول تخريج هذا الحديث ، ذكر فيه كاتب المقال إسنادا مخترعا من عنده لرواية سهل بن عبد الله ، لا يلتفت إليه ، وهو جهل فاضح بعلوم الإسناد ، وكان على المجلة أن لا تسمح بنشر هذا المقال الضعيف المتهالك .
خلاصة الحكم على الحديث :
الحديث ضعيف جدا لا يصل إلى درجة الثبوت ، وليس له أصل إلا من حديث أبي هريرة ، وفيه ثلاثة ضعفاء ضعفهم شديد لا يمكن انجباره لانفرادهم بالرواية .
ولا يشهد له حديث أنس لكونه موضوعا ، ولا حديث سهل بن عبد الله لعدم وجود إسناد له يعتمد عليه .
فينحصر الكلام على الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه فحسب .
والحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه فيها علتان قادحتان :
1= تفرد بعض الرواة .
2= الجرح الشديد في الرواة .
فأما التفرد فهو يقدح في صحة الحديث عند المحدثين ، خصوصا إذا كان المتفرد ضعيفا مجروحا .
قال الإمام أبو داود في وصف أحاديث السنن : ( والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير ، وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث ، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس ، والفخرُ بها أنها مشاهير ، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أهل العلم .
ولو احتج رجل بحديث غريب وجدتَ من يطعن فيه ، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً . فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يردَّه عليك أحد )
وقال ابن الصلاح وهو يتحدث عن تفرد الرواة : ( فيُنظر في هذا الراوي المتفرد : فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قُبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه ... ثم قال : وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به ، كان خارما له مُزَحزحا له عن حيز الصحيح ، ثم هو دائر بين مراتبَ متفاوته بحسب الحال ، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرُّده ـ استحسنَّا حديثه ذلك ، ولم نحطَّه إلى قبيل الحديث الضعيف ، وإن كان بعيدا عن ذلك رددنا ما انفرد به ، وكان من قبيل الشاذ المنكر ) .
وقال ابن رجب: ( أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحدٌ وإن لم يرو الثقات خلافَه : إنه لا يتابَع عليه ، ويجعلون ذلك علةً فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثُر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفرُّدات به الثقات الكبار أيضا ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابطٌ يضبطه ) .
وهنا قد حكم الدارقطني بانفراد راويين :
1- حجاج بن سنان ، تفرد بالرواية عن علي بن زيد .
2- السكن بن إبراهيم ، تفرد عن حجاج .
وحجاج متروك الرواية ، فتفرُّده منكر . وأما السَّكن فأثنى عليه الدارقطني ، فتفرده إغرابٌ حسب اصطلاحهم .
وأما العلة الأخرى : فهي الجرح الشديد في بعض الرواة ، وهم عون بن عمارة ، وحجاج بن سنان ، وعلي بن زيد ، وكل منهم مجروح بما يقدح في صحة روايتهم كما مر تفصيله . وقد صرَّح الناقدون بتفردهم وكثرة خطئهم وعدم صلاحيتهم للاحتجاج ، ووصف الحافظ رواية الحجاج بأنها منكرة غريبة .
وما ورد من متابعات بعض الرواة ، مثل متابعة زكريا البرجمي للسكن ( عند الأزدي ) ، ومتابعة منصور بن صُقَير لعون ( في جزء القواس وجزء أبي القاسم الأزجي ) فلا تصلح في تقوية الحديث ، لكون المتابِع أضعفَ من المتابَع .
فإن قيل : إن الحديث في الفضائل ، والعلماء يقبلون الحديث الضعيف في الفضائل ؟
فالجواب : ليس كل ضعيف يُعمل به في الفضائل كما يزعم بعض الناس ، بل هناك شرائط للعمل بالضعيف في الفضائل ، ذكرها الحافظ ابن حجر في ( نزهة النظر ) وهي :
1= أنْ يكونْ الضعفُ غيرَ شديدٍ ، فيخرجُ من انفردَ من الكذابين والمتهمين بالكذب ، ومن فحُش خطؤه ، وقد نقل العلائيُّ الاتفاقَ على هذا الشرط .
ومن ثم فلا تجوز روايته ، ولو كان في الترغيب والترهيب إلا على سبيل بيان حاله لكي لا يغترَّ به أحد .
2= أنْ يندرجَ تحتَ أصلٍ عامٍّ معمولٍ بهِ منْ أصول الشريعة ، فيَخرجُ ما يُخترَعُ بحيثُ لا يكون لهُ أصلٌ أصلاً .
3= أنْ لا يعتقدَ عندَ العملِ به ثبوتَه ، لئلا ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله ، بل يعتقد الاحتياط .
لأنه لا يجوز أن يعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حديثاً إلا إذا كان قد صحَّ عنه ذلك .
ولو عرضنا هذه الشروط على هذا الحديث لمعرفة انطباقها من عدمه ،فإننا نجد أن هذا الحديث يفتقد الشرط الأول .
أما الشرط الثاني : وهو اندراج الحديث تحت أصل معمول به من الشريعة ، فهذا متوفر في الحديث ، فإنه مندرج تحت ثلاثة أصول ثابتة ، وهي :
1- فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها . وهذا الأصل معلوم ولا يحتاج إلى ذكر دليل .
2- فضل يوم الجمعة ، وهو ثابت بأحاديث صحيحة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ ». رواه مسلم برقم 854 من حديث أبي هريرة .
3- فضل ما بعد العصر يوم الجمعة ، دل عليه عدة أحاديث ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : « يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ » يُرِيدُ سَاعَةً « لاَ يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ». أخرجه أبوداود برقم 1050 من حديث جابر . ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه : (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم فيسأل الله فيها شيئا إلاأعطاه إياه. قال أبو هريرة : فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له هذا الحديث ، فقال : أنا أعلم بتلك الساعة ، فقلت : أخبرني بها ولا تضنن بها علي ؟ قال : هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس. فقلت :كيف تكون بعد العصر وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي) وتلك الساعة لا يصلى فيها ؟ فقال عبد الله بن سلام : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من جلس [ مجلسا ] ينتظر الصلاة فهو في صلاة ) ؟ قلت: بلي قال: فهو ذاك . أخرجه بنحوه الترمذي برقم 914 .
فهذه ثلاثة أصول من الفضائل يندرج الحديث تحتها .
وبقي الشرط الثالث : وهو عدم الجزم بثبوت الحديث ، وإنما يعمل به من باب الاحتياط رجاء الثواب ، والعمل بهذه الطريقة أجازه بعض أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ، وأورد أقوالهم بالتفصيل الإمام السخاوي في آخر ( القول البديع ) فينظر هناك .
ورأيي الشخصي : أن هذا الحديث لو نظرنا إليه من ناحية الاحتجاج والثبوت ، فإنه غير صالح للاحتجاج به ، ولكن يسوغ العمل به لمن أراد بشرط عدم اعتقاد السنّيّة ، وإنما يعمل به رجاء الثواب ، فقد يكون له ثبوت في نفس الأمر ، ولا يتقيد بكونه بعد العصر ، ولا بكونه قبل أن يقوم من مكانه ، وعلى أن لا يلتزم الإتيان به في كل جمعة ، بل يتركه أحيانا حتى لا يعتقد كونه سنة ثابتة .
هذا ماتيسر جمعه وترتيبه في تخريج هذا الحديث ، والله الموفق للصواب .
كتبه : محمد طلحة بلال أحمد منيار حفطه الله
(من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما )
ورد هذا الحديث من رواية أبي هريرة ، وأنس ، وسهل بن عبد الله ، رضي الله عنهم
فأما حديث أبي هريرة فرواه :
· ابن شاهين في كتابيه ( الأفراد ) وكتاب ( الترغيب في فضائل الأعمال ) [ برقم 22 ] ومن طريقه ابن بشكوال في ( القربة ) [ برقم 109 ]
· والدارقطني في كتاب ( الأفراد ) [ أطراف الغرائب 5095 ]
· والديلمي في ( مسند الفردوس ) [ 2/408 ، رقم 3814] وكذا أبو الشيخ والضياء المقدسي ، كل هؤلاء من طريق الدارقطني [ السلسلة الضعيفة 3804 ]
رووه هؤلاء كلُّهم من طريق = عون بن عُمارة ، حدثنا السَّكن البُرجُمي ، عن الحجاج بن سِنان ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ : « الصلاة علي نور على الصراط ، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما » .
وتفرد الإمام السخاوي في ( القول البديع ) [ص 284 ] بذكر ألفاظ زائدة في حديث أبي هريرة ، نسبها إلى ابن بشكوال ، ولكنها غير موجودة في كتاب ( القُربة ) لابن بشكوال ، فلا أدري ؟ هل وجدها في كتاب آخر لابن بشكوال ؟
قال السخاوي : ( وفي لفظ عند ابن بشكوال من حديث أبي هريرة أيضا : من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال قبل أن يقوم مكانه : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما ، ثمانين مرة ، غُفِرت له ذنوب ثمانين عاما ، وكتبت له عبادة ثمانين سنة ) .
متابعات الحديث :
1- متابعة زكريا البرجمي للسكن بن أبي السكن :
· فالحديث رواه الأزدي في كتاب ( الضعفاء والمتروكين ) من رواية عون بن عمارة عن زكريا البُرجمي [ يعني بدلا عن السكن ] عن الحجاج ...
كما ذكر ذلك الإمام الذهبي في [ الميزان ترجمة 2881 ] والحافظ ابن حجر في [ لسان الميزان ترجمة 3222 ] في ترجمة زكريا بن عبد الرحمن البرجمي ، وأن الأزدي ليَّن زكريا ، يعني ضعَّفه .
2- متابعة منصور بن صُقير لعون بن عمارة :
· قال الألباني : روى هذا الحديث يوسف بن عمر القَوَّاس في ( حديثه ) من رواية منصور بن صُقَير عن علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، فخالف عونَ بن عمارة في إسناده ، إلا أنهما أي عون ومنصور اتفقا على روايته عن السَّكن البرجمي وليس عن زكريا البرجمي . قال الألباني : ومنصور بن صُقير ضعيف أيضا كما في ( التقريب ) . [ السلسلة الضعيفة 3804 ] . وهو وارد أيضا في ( جزء من حديث أبي القاسم الأزجي ) برقم 16 .
3- متابعة أبي ذر لأبي هريرة رضي الله عنهما :
· ذكر أبو اليُمن بن عساكر أن هذا الحديث رواه غير عون بن عمارة عن السكن فقال : عن أبي ذر ، بدلا من أبي هريرة . [ القول البديع 284 ]
دراسة السند :
اسناد الحديث ضعيف جدا ، ففيه ثلاثة ضعفاء :
1- عون بن عمارة : قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم : أدركته ولم أكتب عنه ، وكان منكر الحديث ضعيف الحديث ، وقال أبو داود : ضعيف . [ تهذيب التهذيب 8/173 ] وقال ابن طاهر المقدسي : هو ممن كثر خطؤه فلا يحتج به [ معرفة التذكرة 1078 ] .
2- الحجاج بن سنان : قال عنه الأزدي : متروك . [ لسان الميزان 2/563 ] .
3- علي بن زيد بن جدعان : قال أبو زرعة : ليس بقوي يخطئ ويهم ، وقال أحمد : ليس بشيء ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال الدارقطني : لا يزال عندي فيه لين ، ورماه شعبة بالاختلاط . [ المغني للذهبي 2/447 ] .
وأما شك سعيد بن المسيب في الصحابي هل هو أبو هريرة أو أبو ذر ، فإن كان الشك من سعيد فلا يضر ، وإن ممن دونه من الضعفاء فهو اضطراب يؤثر في ضبط الراوي .
الحكم على الحديث :
قال الدارقطني : تفرد به حجاج بن سنان عن علي بن زيد ، ولم يروه عن حجاج إلا السكن ابن أبي السكن .
قال الحافظ في ترجمة حجاج بن سنان في ( اللسان ) [2/563] : حديث منكر . وقال في ( نتائج الأفكارتخريج أحاديث الأذكار ) [5/56] : غريب ورواته الأربعة ضعفاء .
قال الألباني في السلسلة [ح 3804] : ضعيف .
ونقل الإمام العراقي في ( تخريج أحاديث الإحياء ) عن أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان أنه قال : حديث حسن . وعلق عليه السخاوي في ( القول البديع ) [ص 285 ] : ويحتاج إلى نظر . يعني : في إسناد الحديث أو تحسين ابن النعمان .
وأما حديث أنس بن مالك فورد بإسنادين :
الإسناد الأول هو : وهب بن داود بن سليمان المخرمي ، عن إسماعيل ابن إبراهيم الشهير بابن علية ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس مرفوعا .
أخرجه بهذا الإسناد :
· الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) [13 / 489] في ترجمة وهب بن داود
· وابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) [برقم 796] من طريق وهب بن داود أيضا بإسناده المذكور
· وأبو سعد في ( شرف المصطفى ) [حديث 2044] ولم يورد السند ، وفيه ( مئة مرة )
وهو بلفظ : من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما ، فقيل له : و كيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : تقول : اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي ، وتعقد واحدا .
دراسة السند :
فيه وهب بن داود بن سليمان المخرمي ، قال الخطيب : ليس بثقة .
الحكم على الحديث :
قال ابن الجوزي : هذا حديث لا يصح . [ العلل المتناهية برقم 796 ]
وقال الذهبي : هو من وضع وهب بن داود . [ المغني في الضعفاء برقم 6904 ] .
وقال الألباني : ذكره ابن الجوزي في "الأحاديث الواهية". قلت : وهو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى وأحرى ، فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة. [ السلسلة الضعيفة (1 / 382) ] .
الإسناد الثاني هو : محمد بن رِزَام ، عن محمد بن عمرو ، عن مالك بن دينار وأبان ، عن أنس .
أخرجه بهذا الإسناد قوام السنة في ( الترغيب ) [ برقم 1696] بلفظ ( من صلى علي في كل يوم جمعة أربعين مرة محا الله عنه ذنوب أربعين سنة ، ومن صلى علي مرة واحدة فتقبلت منه ، محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة ، ومن قرأ: قل هو الله أحد أربعين مرة حتى يختم السورة بنى الله له مناراً في جسر جهنم حتى يجاوز الجسر) .
دراسة السند :
فيه محمد بن رِزام البصري : قال الذهبي في ( الميزان 3/545 ) : متهم بوضع الحديث ، يكنى أبا عبدالملك. قال الازدي: تركوه. وقال الدارقطني: يحدث بأباطيل.
الحكم على الحديث : موضوع مكذوب .
وأما رواية سهل بن عبد الله :
فأوردها ابن بشكوال في ( القربة ) [ برقم 111 ] قال :
( قال شيخنا أبو القاسم : وروينا عن سهل بن عبد الله : من قال في يوم الجمعة بعد العصر : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى أله وسلم ، ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة ) .
وسهل بن عبد الله هذا ليس صحابيا ، وإنما هو شيخ في السند لم أتمكن من معرفته ، فقد يكون هو سهل بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي ، وهو منكر الحديث [المغني للذهبي 1/145]
. وقد يكون أبا الحسن سهل بن عبد الله الغازي الأصبهاني ، وهو متأخر من أهل القرن الخامس الهجري [تاريخ دمشق 10/130].
تنبيه : وجدت مقالا في مجلة ( البينات ) [عدد شهر رجب 1437] الصادرة من كراتشي حول تخريج هذا الحديث ، ذكر فيه كاتب المقال إسنادا مخترعا من عنده لرواية سهل بن عبد الله ، لا يلتفت إليه ، وهو جهل فاضح بعلوم الإسناد ، وكان على المجلة أن لا تسمح بنشر هذا المقال الضعيف المتهالك .
خلاصة الحكم على الحديث :
الحديث ضعيف جدا لا يصل إلى درجة الثبوت ، وليس له أصل إلا من حديث أبي هريرة ، وفيه ثلاثة ضعفاء ضعفهم شديد لا يمكن انجباره لانفرادهم بالرواية .
ولا يشهد له حديث أنس لكونه موضوعا ، ولا حديث سهل بن عبد الله لعدم وجود إسناد له يعتمد عليه .
فينحصر الكلام على الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه فحسب .
والحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه فيها علتان قادحتان :
1= تفرد بعض الرواة .
2= الجرح الشديد في الرواة .
فأما التفرد فهو يقدح في صحة الحديث عند المحدثين ، خصوصا إذا كان المتفرد ضعيفا مجروحا .
قال الإمام أبو داود في وصف أحاديث السنن : ( والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير ، وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث ، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس ، والفخرُ بها أنها مشاهير ، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أهل العلم .
ولو احتج رجل بحديث غريب وجدتَ من يطعن فيه ، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً . فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يردَّه عليك أحد )
وقال ابن الصلاح وهو يتحدث عن تفرد الرواة : ( فيُنظر في هذا الراوي المتفرد : فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قُبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه ... ثم قال : وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به ، كان خارما له مُزَحزحا له عن حيز الصحيح ، ثم هو دائر بين مراتبَ متفاوته بحسب الحال ، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرُّده ـ استحسنَّا حديثه ذلك ، ولم نحطَّه إلى قبيل الحديث الضعيف ، وإن كان بعيدا عن ذلك رددنا ما انفرد به ، وكان من قبيل الشاذ المنكر ) .
وقال ابن رجب: ( أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحدٌ وإن لم يرو الثقات خلافَه : إنه لا يتابَع عليه ، ويجعلون ذلك علةً فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثُر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفرُّدات به الثقات الكبار أيضا ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابطٌ يضبطه ) .
وهنا قد حكم الدارقطني بانفراد راويين :
1- حجاج بن سنان ، تفرد بالرواية عن علي بن زيد .
2- السكن بن إبراهيم ، تفرد عن حجاج .
وحجاج متروك الرواية ، فتفرُّده منكر . وأما السَّكن فأثنى عليه الدارقطني ، فتفرده إغرابٌ حسب اصطلاحهم .
وأما العلة الأخرى : فهي الجرح الشديد في بعض الرواة ، وهم عون بن عمارة ، وحجاج بن سنان ، وعلي بن زيد ، وكل منهم مجروح بما يقدح في صحة روايتهم كما مر تفصيله . وقد صرَّح الناقدون بتفردهم وكثرة خطئهم وعدم صلاحيتهم للاحتجاج ، ووصف الحافظ رواية الحجاج بأنها منكرة غريبة .
وما ورد من متابعات بعض الرواة ، مثل متابعة زكريا البرجمي للسكن ( عند الأزدي ) ، ومتابعة منصور بن صُقَير لعون ( في جزء القواس وجزء أبي القاسم الأزجي ) فلا تصلح في تقوية الحديث ، لكون المتابِع أضعفَ من المتابَع .
فإن قيل : إن الحديث في الفضائل ، والعلماء يقبلون الحديث الضعيف في الفضائل ؟
فالجواب : ليس كل ضعيف يُعمل به في الفضائل كما يزعم بعض الناس ، بل هناك شرائط للعمل بالضعيف في الفضائل ، ذكرها الحافظ ابن حجر في ( نزهة النظر ) وهي :
1= أنْ يكونْ الضعفُ غيرَ شديدٍ ، فيخرجُ من انفردَ من الكذابين والمتهمين بالكذب ، ومن فحُش خطؤه ، وقد نقل العلائيُّ الاتفاقَ على هذا الشرط .
ومن ثم فلا تجوز روايته ، ولو كان في الترغيب والترهيب إلا على سبيل بيان حاله لكي لا يغترَّ به أحد .
2= أنْ يندرجَ تحتَ أصلٍ عامٍّ معمولٍ بهِ منْ أصول الشريعة ، فيَخرجُ ما يُخترَعُ بحيثُ لا يكون لهُ أصلٌ أصلاً .
3= أنْ لا يعتقدَ عندَ العملِ به ثبوتَه ، لئلا ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله ، بل يعتقد الاحتياط .
لأنه لا يجوز أن يعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حديثاً إلا إذا كان قد صحَّ عنه ذلك .
ولو عرضنا هذه الشروط على هذا الحديث لمعرفة انطباقها من عدمه ،فإننا نجد أن هذا الحديث يفتقد الشرط الأول .
أما الشرط الثاني : وهو اندراج الحديث تحت أصل معمول به من الشريعة ، فهذا متوفر في الحديث ، فإنه مندرج تحت ثلاثة أصول ثابتة ، وهي :
1- فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها . وهذا الأصل معلوم ولا يحتاج إلى ذكر دليل .
2- فضل يوم الجمعة ، وهو ثابت بأحاديث صحيحة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ ». رواه مسلم برقم 854 من حديث أبي هريرة .
3- فضل ما بعد العصر يوم الجمعة ، دل عليه عدة أحاديث ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : « يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ » يُرِيدُ سَاعَةً « لاَ يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ». أخرجه أبوداود برقم 1050 من حديث جابر . ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه : (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم فيسأل الله فيها شيئا إلاأعطاه إياه. قال أبو هريرة : فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له هذا الحديث ، فقال : أنا أعلم بتلك الساعة ، فقلت : أخبرني بها ولا تضنن بها علي ؟ قال : هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس. فقلت :كيف تكون بعد العصر وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي) وتلك الساعة لا يصلى فيها ؟ فقال عبد الله بن سلام : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من جلس [ مجلسا ] ينتظر الصلاة فهو في صلاة ) ؟ قلت: بلي قال: فهو ذاك . أخرجه بنحوه الترمذي برقم 914 .
فهذه ثلاثة أصول من الفضائل يندرج الحديث تحتها .
وبقي الشرط الثالث : وهو عدم الجزم بثبوت الحديث ، وإنما يعمل به من باب الاحتياط رجاء الثواب ، والعمل بهذه الطريقة أجازه بعض أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ، وأورد أقوالهم بالتفصيل الإمام السخاوي في آخر ( القول البديع ) فينظر هناك .
ورأيي الشخصي : أن هذا الحديث لو نظرنا إليه من ناحية الاحتجاج والثبوت ، فإنه غير صالح للاحتجاج به ، ولكن يسوغ العمل به لمن أراد بشرط عدم اعتقاد السنّيّة ، وإنما يعمل به رجاء الثواب ، فقد يكون له ثبوت في نفس الأمر ، ولا يتقيد بكونه بعد العصر ، ولا بكونه قبل أن يقوم من مكانه ، وعلى أن لا يلتزم الإتيان به في كل جمعة ، بل يتركه أحيانا حتى لا يعتقد كونه سنة ثابتة .
هذا ماتيسر جمعه وترتيبه في تخريج هذا الحديث ، والله الموفق للصواب .
كتبه : محمد طلحة بلال أحمد منيار حفطه الله