قال الشيخ النحرير علامة المدينة عبد المحسن العباد البدر في رسالته القيمة من كنوز القرآن الكريم تفسير آيات من الكتاب العزيز نقلا عن شيخه المفسرالشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان :

وقد بيَّنا في هذا الكتاب المبارك أن لفظ الضلال يطلق في القرآن و في اللغة العربية ثلاثة إطلاقات:
الإطلاق الأول: يطلق الضلال مرادا به الذهاب عن حقيقة الشيء ،فتقول العرب في كل من ذهب عن علم حقيقة شيء: ضل عنه،وهذا الضلال ذهاب عن علم شيء ما ، و ليس من الضلال في الدين ، و من هذا المعنى قوله هنا : )) و أنا من الضالين((أي : من الذاهبين عن علم حقيقة العلوم و الأسرار التي لا تعلم إلا عن طريق الوحي، لأني في ذلك الوقت لم يوح إلي، و منه على التحقيق ((ووجدك ضالا فهدى ))أي: ذاهبا عما علمك من العلوم التي لا تدرك إلا بالوحي ، و من هذا المعنى قوله تعالى:( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي و لاينسى )) ، فقوله : (( لا يضل ربي )) أي : لا يذهب عنه علم شيء كائنا من كان، و قوله: (( فإن لم يكونا رجلين فرجل و امرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى )) ، فقوله : ((أن تضل إحداهما )): تذهب عن علم حقيقة المشهود به بدليل قوله بعده لفظ الضلال يطلق في القرآن و في اللغة العربية ثلاثة إطلاقات Frown( فتذكر إحداهما الأخرى )) .
قال (( و الإطلاق الثاني: و هو المشهور في اللغة و في القرآن : هو إطلاق الضلال على الذهاب عن طريق الإيمان إلى طريق الكفر ، و عن طريق الحق إلى الباطل و عن طريق الجنة إلى طريق النّار، و منه قوله تعالى : (( غير المغضوب عليهم و لا الضالين)) .
و الإطلاق الثالث: هو إطلاق الضلال على الغيبوبة و الاضمحلال ، تقول العرب : ضل الشيء إذا غاب و اضمحل ، و منه قولهم : ضل السمن في الطعام إذا غاب فيه و اضمحل ، و لأجل هذا سمّت العرب الدفن في القبر إضلالا، لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب فيها و يضمحل ،و في هذا قوله تعالى:
( و قالوا أءذا ضللنا في الأرض )) الآية، يعنون إذا دُفنوا و أكلتهم الأرض فضلُوا فيها ، أي غابوا فيها واضمحلُوا)).


من كنوز القرآن الكريم تفسير آيات من الكتاب العزيز الصفحة 186-187 ( سورة الضحى)